ما يزال الموقف العراقي الرسمي، من التغيير الحاصل في سوريا ملتبساً نوعا ما، وهذا ما أكده رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، في لقاءه مع وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكين..
السوداني،
تحدث بصراحة وقال بأن "العراق ينتظر الأفعال لا الأقوال من القائمين على إدارة
المرحلة الانتقالية في سوريا"، هذا بالإضافة الى اخذ ضمانات بضرورة "تمثيل
كل مكونات الشعب السوري في إدارة البلاد لضمان تعزيز استقرارها"، وهذه النقطة
بالتحديد، "تستوجب اضطلاع الدول الصديقة بمساعدة السوريين في إعادة بناء
دولتهم، ومواجهة التحديات التي قد تؤثر على السلم الأهلي"، بحسب حديث
السوداني لبلينكين.
بهذه
النقاط، يمكن ان يصل المتابع الى قناعة مفادها بأن الحديث حول تلك العلاقة ما يزال
ضبابيا بسبب المشهد السوري الحالي نفسه، إضافة الى عوامل عدة منها التأثيرات
الغربية أو الإقليمية وطبيعة القوى التي ستشكل الحكومة السورية.
وتابعت
"النهرين"، تصريحات ومنشورات، لمراقبين للمشهد بهذا الخصوص، فالمحلل السياسي
فلاح المشعل، أكد بأنه "من المبكر الحديث الآن عن طبيعة العلاقة بين العراق
وسوريا بعد الأسد ومستواها، فالوضع السوري حتى الآن ضبابي، وهذه الأيام القليلة لا
تعطي تصورا كافيا لدولة ما، إضافة إلى أن الحكومة العراقية كانت ترتبط بعلاقات
وثيقة مع حكومة بشار الأسد وهي علاقات الرابط السياسي بمحور المقاومة بالشراكة مع
إيران ولبنان، لكن هذا المحور الآن تلاشى".
ويضيف
المشعل، أن "من قاموا بالتغيير في سوريا طلبوا أن تكون علاقة طبيعية ومصالح
مع العراق، هناك علاقة اقتصادية بين البلدين، اللذين يمثل أحدهما للآخر عمق أمنيا
واستراتيجيا، لذا فلا بد من وجود علاقات بين البلدين المتجاورين بحكم الجغرافيا،
وهو أمر يتطلب مزيدا من الوقت لظهور ملامح الدولة السورية، بعد ذلك يمكن الحديث
إذا ما كانت ثمة إشكاليات أو انقطاعات في العلاقة.
من
جهته، يتفق يقول المحلل السياسي علاء الخطيب، ان ابرز ما "يعرقل المواقف
الإيجابية، هو أن الجولاني مطلوب للقضاء العراقي، وفق مذكرة قبض ما تزال فعالة حتى
هذه اللحظة، ما يعقد التعامل مع هكذا واقع، إضافة إلى أن الوضع السوري حتى الآن قلق
ومضطرب، وهناك كثير من الأخبار عن حملات تصفية ودخول للقوات الإسرائيلية إلى
الأراضي السورية، وحتى الحكومة الانتقالية لم تحظ بمقبولية السوريين جميعا حتى
الآن".
إلى
ذلك، يرى المحلل السياسي عائد الهلالي، أن "الموقف العراقي من سوريا يعتمد
على جملة من العوامل السياسية الإقليمية والدولية، فالعراق في السنوات الأخيرة كان
يتبنى سياسة دعم قوية لنظام بشار الأسد، بسبب العلاقات الاستراتيجية مع إيران،
التي كانت أحد أبرز داعمي الأسد، ولكن بعد سقوط الأسد، فإن العراق قد يواجه تحديات
دبلوماسية خطيرة، ويُحتمل أن يتعرض لإحراج سياسي".
وعن
العوامل التي تحدد الموقف العراقي بعد سقوط الأسد، يحدد الهلالي أولها بـ"التأثير
الإيراني كونه أحد المحاور الأساسية التي تدعم الحكومة العراقية الحالية، وبالتالي
فإن التغيير في سوريا قد يزعزع العلاقات بين بغداد وطهران، إيران كانت ترى في نظام
الأسد حليفا استراتيجيا مهما، خصوصا فيما يتعلق بالأمن الإقليمي والمصالح المشتركة
ضد التنظيمات الإرهابية".
وثاني
العوامل، وفقا للهلالي، هي "العلاقات مع الدول الغربية والعربية فدعم العراق
المستمر للأسد كان محل انتقاد من قبل العديد من الدول الغربية والعربية، والآن
سيكون على العراق اتخاذ موقف أكثر مرونة لكي يتجنب عزلة سياسية"، مشيرا إلى
أن "هناك مواقف داخلية أيضا، فالحكومة العراقية قد تواجه معارضة من بعض
القطاعات داخل العراق، مثل القوى السنية والكردية، التي عانت من التدخلات السورية
خلال الحرب في العراق. وقد تدعو هذه الفئات الحكومة العراقية للتقارب مع حكومة
جديدة في سوريا بعيدا عن التأثير الإيراني".