قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الحكومة العراقية وسّعت بشدة نطاق الإعدامات غير القانونية وزيادة وتيرتها في عام 2024. تُظهر الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش تنفيذ السلطات هذه الإعدامات بدون إشعار المحامين أو أفراد الأسرة مسبقا، وفي ظل مزاعم ذات مصداقية عن التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة.
وأدناه تقرير المنظمة الذي تابعته "النهرين":
في كانون الثاني، أفادت هيومن رايتس ووتش أن 150 سجينا
تقريبا في سجن الناصرية بالعراق كانوا يواجهون الإعدام الوشيك بدون سابق إنذار.
أعدمت السلطات في 25 كانون الأول 2023 قرابة 13 رجلا في سجن الناصرية، وهو أول
إعدام جماعي منذ إعدام 21 رجلا آخرين في 16 تشرين الثاني 2020. ويُعتقد أن حوالي
8,000 شخص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام.
قالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس
ووتش: "السلطات العراقية تنفذ القتل بموافقة الدولة على نطاق مقلق. ستترك
الموافقات على هذه الإعدامات غير القانونية إرثا ملطخا بالدماء للرئيس عبد اللطيف
رشيد".
نظرا لسجل النظام القضائي العراقي الراسخ في انتهاكات
الإجراءات القانونية الواجبة، والتي ترقى إلى الحرمان التعسفي من الحق في الحياة،
ينبغي للعراق أن يوقف بشكل عاجل جميع الإعدامات المعلقة ويعلن وقفا مؤقتا نحو
الإلغاء الكامل لعقوبة الإعدام.
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع خمسة أفراد من عائلات
تسعة رجال حُكم عليهم بالإعدام، وأُعدم ثلاثة منهم في الأشهر الثلاثة الماضية؛ ومع
محامٍ يمثل عشرات الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام والذي قدم تفاصيل حول أربع
قضايا؛ ومع ناشطين. كما أرسلت هيومن رايتس ووتش في 14 تشرين الأول إلى وزارة العدل
رسالة تفصل هذه الادعاءات وتطلب معلومات عن ظروف السجن والإعدامات وإمكانية زيارة
سجن الناصرية، لكنها لم تتلق أي رد.
لا تنشر الحكومة العراقية إحصاءات رسمية عن الإعدامات
ولن تقدمها رغم الطلبات المتعددة. وبحسب منظمة "آفاد"، وهي منظمة مستقلة
تراقب الانتهاكات الحقوقية في العراق، أعدمت السلطات في أيلول وحده 50 رجلا. نددت
آفاد في حزيران بما أسمته الطفرة في "عمليات الإعدام السرية"، مشيرة إلى
توثيقها 63 حالة إعدام في الأسابيع السابقة لم يُعلن عنها.
في تموز، نفت وزارة العدل مزاعم تفيد بتنفيذها عمليات
إعدام سرية، محذرة من أنها ستتخذ إجراءات قانونية ضد أي مواقع تنشر "أخبارا
مضللة من هذا القبيل". وفي تشرين الأول، نفى الرئيس رشيد مزاعم تداولتها
وسائل التواصل بأنه صادق على أحكام إعدام جماعية.
تشير الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش إلى قيام
السلطات العراقية بشكل متزايد بتهديد نزلاء محكوم عليهم بالإعدام وجماعات غير
حكومية لتحدثهم علنا عن الظروف في سجن الناصرية المركزي. منذ نيسان، أُعدم خمسة
رجال قدموا شكاوى مجهولة الاسم عبر محامٍ أجنبي إلى "الأمم المتحدة".
كان لدى اثنين منهم تقارير رسمية من لجنة طبية تابعة لـ
"مجلس القضاء الأعلى" العراقي تشهد بتعرضهما للتعذيب وتمكنُّهما من
تحديد هوية عناصر الأمن الذين عذبوهما. طلب الرجلان من النيابة العامة فتح تحقيق
مع عناصر الأمن الذين قالوا إنهم عذبوهما، لكن قال محاموهما إن التحقيق لم يُفتح
قط. كما طلب الرجلان إعادة المحاكمة، لكن رفضت السلطات طلباتهما بسبب عدم وجود ملف
للقضية. أضاف محاموهما أن ملفات القضية هذه دُمرت في حزيران 2014 عندما أحرق تنظيم
"داعش" مبنى المحكمة الذي كان يحتجزهما.
قال أحد الرجلين، في آخر اتصال له مع محاميه في آذار
2024، لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي السجن اكتشفوا نقله معلومات خارج السجن،
معربا عن خوفه من الانتقام. في أوائل نيسان، حُبس الرجل انفراديا بمعزل عن العالم
الخارجي، حتى أبلغت السلطات أسرته ومحاميه في تموز بأنه أُعدم.
لم يقل أي من الذين تمت مقابلتهم إنه تلقى إشعارا مسبقا
بالإعدامات، بما يتفق مع الادعاءات السابقة. في بعض القضايا، اتصل مسؤولو السجن
بالعائلات لتسلم الجثث بعد أشهر من الإعدام.
قال أحد أفراد الأسرة إن سبب الوفاة في شهادة وفاة
قريبهم كان الإعدام شنقا، لكن لم تكن ثمة علامات حول رقبة الرجل تشير إلى الشنق
عندما غسلوا الجثة قبل دفنها، ما أثار الشكوك حول طبيعة وفاته.
قال أحد أفراد الأسرة أيضا إن مسلحين من قوات أمن
الحكومية العراقية متمركزين خارج المقبرة لأسابيع بعد الدفن ضايقوا أفراد الأسرة
الذين زاروا القبر. قال أحد أفراد الأسرة إنهم يعتقدون أن سبب ذلك هو منع الأسرة
من استخراج الجثة لإجراء تشريح مستقل. لم يُزَوَّدُوا بمحضر تشريح الجثة.
لم تستجب وزارة العدل لطلب هيومن رايتس ووتش بشأن هذا
الادعاء.
في حالة أخرى، لم يُدرج سبب الوفاة في شهادة الوفاة التي
راجعتها هيومن رايتس ووتش.
قالت إحدى القريبات لأحد من أُعدموا إن قوات الأمن منعت
الأسرة من إقامة مراسم الجنازة ونشرت قوات عند القبر. أضافت: "لاحظت في آخر
مرة زرته فيها [في السجن] أن أظافره مفقودة، وأسنانه متساقطة، وكانت ثمة علامات
على قدميه وحول عنقه".
راجعت هيومن رايتس ووتش صورا لثلاث جثث أُفرج عنها بعد
الإعدام وتظهر عليها علامات مرئية لسوء المعاملة أو التعذيب، بما في ذلك كدمات
شديدة وكسور في العظام وجروح وهزال.
يبدو أن الإعدامات نُفذت رغم مزاعم ذات مصداقية عن
التعذيب وغير ذلك من انتهاكات المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن فرض عقوبة الإعدام يكون تعسفيا وغير قانوني إذا انتُهكت
ضمانات المحاكمة العادلة للمتهم.
أفاد مقررون خاصون للأمم المتحدة بأن ظروف سجن الناصرية
غير إنسانية، بما في ذلك الافتقار إلى الرعاية الصحية والصرف الصحي، والحبس
الانفرادي لفترات طويلة، والوقت المحدود الذي يقضيه السجناء في الهواء الطلق،
والاكتظاظ، والطعام الرديء.
قال المقررون في 27 حزيران إن "الإعدامات المنهجية
التي تنفذها حكومة العراق بحق السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بناءً على اعترافات
شابها التعذيب، وبموجب قانون مكافحة الإرهاب الغامض، ترقى إلى الحرمان التعسفي من
الحياة بموجب القانون الدولي وقد ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية".
أرسلت هيومن رايتس ووتش أربع رسائل إلى وزارة العدل منذ تشرين
الأول 2023 تطلب معلومات عن ظروف السجن، والإعدامات، والتصديق على أحكام الإعدام،
وإمكانية زيارة سجن الناصرية. في 24 نيسان، ردت الوزارة بأنها غير قادرة على تقديم
أرقام عن عدد أحكام الإعدام الصادرة أو المصدّق عليها، أو الإعدامات التي نُفذت
سنويا منذ عام 2020.
في آذار، التقت ممثلة عن هيومن رايتس ووتش بالرئيس رشيد
ووزير العدل خالد شواني وثلاثة أعضاء من المجلس الاستشاري الرئاسي في بغداد. نفى
الرئيس رشيد مزاعم وجود مخالفات في التصديق على أحكام الإعدام، وحدد الخطوات التي
اتخذها مكتبه لضمان حقوق أولئك الذين يواجهون عقوبة الإعدام، والتي أكدتها رسالة
رد بتاريخ 7 آذار. نفى الوزير شواني مزاعم سوء المعاملة والتعذيب والإعدامات غير
القانونية في سجن الناصرية، ووعد بتسهيل دخول هيومن رايتس ووتش إلى سجون الناصرية
والكرخ والرصافة. لم يستجب المسؤولون لطلبات الزيارة أو رسائل المتابعة اللاحقة.
ينبغي للرئيس رشيد التوقف فورا عن التصديق على عقوبة
الإعدام، وفرض وقف فعلي لاستخدامها حتى يصدر البرلمان قانونا يلغي عقوبة الإعدام.
تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف لأنها بطبيعتها قاسية ولا يمكن
الرجوع عنها.
ينبغي لقضاة العراق، تماشيا مع المعايير القانونية
الدولية والإجراءات الجنائية العراقية، التحقيق في جميع المزاعم ذات المصداقية
بشأن التعذيب وقوات الأمن المسؤولة، ونقل المعتقلين إلى مرافق مختلفة لحمايتهم من
الانتقام. وينبغي للسلطات القضائية التحقيق بشأن أي حوادث تعذيب وتحديد المسؤول
عنها، ومعاقبة المسؤولين، وتعويض الضحية.
قالت فقيه: "بهذا المعدل، فإن العراق في طريقه إلى
تصدُّر المراتب العليا عالميا في الإعدامات غير القانونية. ينبغي للحكومة بدلا من
ذلك تركيز جهودها على إجراء إصلاحات حقيقية للقضاء ونظام السجون العراقيَّيْن
وإلغاء عقوبة الإعدام إلى الأبد".