متابعات النهرين
عاد الحراك السياسي حول تعديل قانون الانتخابات إلى الواجهة مجددا، وفيما يقف الاختلاف على شكل القانون حائلا دون إقراره بسلاسة، كل هذا الجدل، في خضم التحديات التي تشهدها البلاد، حيث يواجه التعديل إشكالات جوهرية لعدم وجود مسوغ لإجرائه مع كل انتخابات جديدة، في ظل إصرار كتل سياسية داخل الإطار التنسيقي، وعلى رأسها ائتلاف دولة القانون، على تعديل قانون الانتخابات.
وتابعت "النهرين" مجموعة تصريحات لنواب
وسياسيين ومراقبين، بهذا الخصوص، حيث قال النائب عن ائتلاف دولة القانون عارف
الحمامي، إنه "خلال المرحلة القليلة المقبلة، سيتم طرح موضوع تعديل قانون
انتخابات مجلس النواب للنقاش، والتفاوض ما بين الكتل والأحزاب السياسية، كما أن
هناك رغبة سياسية بإجراء تعديل على القانون، الذي أجريت على أساسه الانتخابات
البرلمانية المبكرة السابقة".
وبحسب الحمامي، فأن هناك "اختلاف في وجهات النظر
قائم بين الكتل والأحزاب السياسية بشأن شكل القانون، فهناك من يريد الإبقاء على
الدوائر الانتخابية المتعددة داخل كل محافظة، وهناك من يريد العودة لجعل كل محافظة
عبارة عن دائرة واحدة"، لافتا إلى أن "هذا الاختلاف قائم أيضا داخل كتل
الإطار التنسيقي".
ويبين بالقول "كل كتلة سياسية لديها مقترح معين
لشكل قانون الانتخابات، وهذه المقترحات سوف تناقش وتدرس، وسيتم الاتفاق على شكل
القانون، كما أن هناك رغبة سياسية حقيقية بوضع فقرات ملزمة لكل مسؤول حكومي يريد
الترشح عليه تقديم الاستقالة قبل أشهر من منصبه لمنع استغلال المنصب لأي من
الأغراض الانتخابية، وهذا الأمر يشمل كل المسؤولين في الدولة دون أي استثناء".
اللجنة القانونية النيابية، من جانبها، نفت في وقت سابق
وصول مسودة جديدة لقانون الانتخابات إلى مجلس النواب، لافتة إلى أن هذا الأمر يمكن
أن يطرح ما بعد انتهاء العطلة التشريعية، أي بداية السنة القادمة، فيما أشّر عضو
اللجنة محمد عنوز، "خللا واضحا في عمل مجلس النواب، وكذلك العملية السياسية
بصورة عامة وعمل الأحزاب"، بالقول "انه لا يوجد ما يدعو إلى تعديل قانون
الانتخابات مع إجراء أي انتخابات جديدة، فهذا يدل على المزاجية السياسية والحزبية
في التحكم بهكذا قوانين مهمة"، موضحا أن "بعض الكتل والأحزاب المتنفذة
ترغب بتمرير قانون على مقاسها مع كل دورة انتخابية، مما يمكنها من الحصول على
أغلبية المقاعد، ولذا فإنها تسعى لتعديل القانون وفق ما تشاء، ووفق ما يخدم
أجندتها السياسية والحزبية، وهو ما تخطط له تلك الكتل خلال المرحلة المقبلة"،
فيما اقر نواب بصعوبة تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين كبار
الكتل السياسية، منوهين إلى أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم
مصلحته الحزبية، ولذا تم تأجيل هذا التعديل لحين حسم القوانين الخلافية المعلقة
منذ أشهر دون التصويت عليها.
إلى ذلك، يرى الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، أن
"قوى سياسية داخل الإطار التنسيقي هي من دفعت نحو تعديل قانون انتخابات مجلس
النواب، بهدف تقويض حظوظ السوداني وكتلته في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهي
من تريد إعادة الدوائر الانتخابية المتعددة، بالرغم من أنها كانت تعارضها سابقا"،
مؤكدا أن "طرح تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، سوف يسبب خلافات ومشاكل
سياسية مختلفة، حتى بين القوى المتحالفة فيما بينها سواء داخل الإطار التنسيقي
(الشيعي) أو داخل القوى السنية والكردية، فهذا القانون جدلي وعليه تحفظات كثيرة".
ويردف أن "طرح هذا القانون للتعديل في ظل غياب التيار
الوطني الشيعي (الصدري)، ربما سيدفعهم إلى العودة السياسية مجددا، خاصة وأن
الصدريين لديهم نية بأن تكون لهم مشاركة فاعلة في انتخابات مجلس النواب، وتعديل
القانون ربما يمسهم، خاصة وأنهم هم من شرع القانون الحالي الذي أجريت وفقه
الانتخابات المبكرة، ولذا فإن تعديل القانون سيكون صعبا وسببا لإثارة الخلافات
السياسية".
وشهد العراق تشريع ستة قوانين انتخابية منذ عام 2003،
الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة،
مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة، ومن ثم تم اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة
2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد،
إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد
بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة، وفي 2014 أصدر
البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن
هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد
اعتمد معادلة 1.9، وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات
تشرين، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في
القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات
المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من
تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو
ما حدث بالفعل في 27 آذار 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.