مع فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب، في الانتخابات الأمريكية، وعودته مجددا إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ الحديث مجددا عن الإجراءات القضائية التي اتخذته المحاكم العراقية تجاه ترمب بعد إدانته باغتيال قائد الحرس الثوري قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، وطرحت تساؤلات عن آلية تعامل الحكومة العراقية مع شخصية مطلوبة للقضاء.
الخبير القانوني، علي التميمي، وفي منشور له تابعته "النهرين"، أكد بأن حصانة رئيس الدولة الأجنبية ضد القضاء الجنائي للدول الأخرى هي حصانة مطلقة سواءً كانت الممارسات الإجرامية التي تتعلق بسلوك رسمي أو شخصي للرئيس.
وبحسب التميمي، فإن إحدى المحاكم في الولايات المتحدة ذهبت في وقت سابق، إلى الإقرار بالحصانة المطلقة للرئيس الهايتي (أرستيد) وقد كان وقتها في المنفى وكانت الولايات المتحدة تعترف به كرئيس شرعي لهايتي.
وذكّر التميمي، انه وفي شباط 2002، أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً بخصوص مسألة قانونية متعلقة بوزير خارجية الكونغو الديمقراطية، حيث كان القضاء البلجيكي قد أصدر مذكرة اعتقال ضد وزير خارجية الكونغو الديمقراطية (إيبولا دومباس) لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بإبادة التوتسي، وقد كرس حكم محكمة العدل الدولية الحصانة المطلقة لممثلي الدول أمام القضاء الجنائي للدول الأخرى، وعلى رأس هؤلاء يأتي رئيس الدولة.
وقد انقسم الفقه والقضاء حول إمكانية تنازل رئيس الدولة عن هذه الحصانات، ولكن الراجح وفق الاتفاقات الدولية أن تنازل رئيس الدولة أو حكومته بخصوص هذه الحصانات، إذا تم لا بد أن يكون صريحاً، فالمادة (32) من اتفاقية فيينا 1961، للعلاقات الدبلوماسية، تذهب إلى أن التنازل يجب أن يكون صريحاً، وكذلك تنص المادة (41) من اتفاقية فيينا للبعثات الخاصة للعام 1969، كذلك ترى لجنة القانون الدولي أن قبول ممارسة القضاء ينبغي أن يكون صريحاً.
ونخلص مما سبق إلى أن حصانة رئيس الدولة هي ليست لشخصه وإنما للدولة، وقد جرى العرف والقانون الدولي والسوابق القضائية وأحكام محكمة العدل الدولية على احترامها وعدم المساس بها، كما لا يجوز التنازل عنها إلا صراحةً ومن ثم فإن المحكمة الجنائية الدولية المنشأة بموجب اتفاقية، الدول الأطراف في تلك الاتفاقية هي التي تسري عليها قواعد المحكمة. فالدول المصادقة على الاتفاقية قد تنازلت صراحةً عن حصانة رؤسائها، أما تلك الدول التي لم تصادق على الاتفاقية، فتظل الحصانة لرؤساء الدول من القواعد العرفية في القانون الدولي ومن ثم لا يجوز لأية دولة أن تتخذ أي إجراءات تمس رئيس الدولة طالما كانت تلك الدولة غير موقعة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وتظل حصانة رئيس الدولة مطلقة أمام القضاء الوطني للدول حتى لو ارتكب جرائم دولية.