تحدث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن العلاقات بين الولايات
المتحدة والعراق، ومدى نفوذ إيران على البلاد.
وجاء هذا الحديث خلال مقابلة مع شبكة CNN تابعتها "قناة النهرين"، تطرق خلالها إلى جملة
من الملفات، من بينها إعادة ترتيب العلاقة مع التحالف الدولي لمحاربة داعش، ومستقبل
العلاقات "الأمريكية – العراقية" في ظل انسحاب القوات الأمريكية من العراق،
ودور الحكومة في هذه الملفات.
وفيما يلي نص المقابلة كاملة:
فريد زكريا: منذ
توليك منصبك، كنت تدعو إلى انسحاب القوات الأمريكية من العراق. ومع ذلك، فإن السبب
وراء وجودهم هناك، وهو تنظيم الدولة الإسلامية، يبدو أنه يشكل مشكلة لم تختف بعد.
لقد وسع تنظيم الدولة الإسلامية عملياته في سوريا. وحتى أن هناك بعض الروايات التي
تفيد بأنه نفذ هجمات إرهابية داخل العراق. هل أنت متأكد من أن القوات الأمريكية
إذا غادرت فإن داعش لن يعود كما فعل يومًا ما في الماضي؟
محمد السوداني: حكومتي التزمت أمام مجلس النواب بإعادة ترتيب
العلاقة مع التحالف الدولي لمحاربة داعش، هذا التحالف الذي تشكل على دعوة من قبل
الحكومة العراقية في عام 2014، وقد حقق هذا التحالف، بمساعدة العراق والأصدقاء
خارج التحالف، إنجازًا تاريخيًا للمنطقة والعالم بدحر داعش. لذلك وجدنا أن الذكرى
العاشرة للتحالف العالمي لمحاربة داعش في نهاية هذا الشهر هو الوقت الطبيعي لإعادة
تقييم هذه المهمة. خصوصًا بعد أن أجرينا حوارًا مهنيًا بين العسكريين من التحالف
الدولي والحكومة العراقية حول خطورة داعش والبيئة العملياتية وقدرات القوات
الأمنية. خلصنا في نتيجة هذا الحوار أن الظروف مواتية لإنهاء هذه المهمة. تقييمنا
أن داعش لا تمثل تهديد للدولة، ولكنها تبقى تحديًا أمنيًا خصوصًا بالنسبة للعناصر
الموجودة في سوريا، مما يتطلب المزيد من التعاون والتواصل، والعراق حريص على أن
ببقى عضو أصيل في هذا التحالف العالمي لمحاربة داعش. وانتهاء مهمة العزم الصلب لا
تعني القطيعة مع دول التحالف الدولي، وخصوصًا الولايات المتحدة، وإنما ننتقل إلى
علاقات أمنية ثنائية وفق الدستور العراقي والقانون.
فريد زكريا: لقد
مرت 21 سنة منذ بدأت الولايات المتحدة عملياتها في العراق. أعتقد أن القلق الذي
ينتاب أغلب الأمريكيين هو: أنفقنا الكثير من الدماء والأموال في العراق. لقد انتهى
بنا المطاف إلى حكومة ديمقراطية إلى حد ما، ولكنها موالية لإيران وفاسدة ولا يبدو
أنها تتبنى مصالح أمريكا بأي شكل من الأشكال. هل هم على حق؟
محمد السوداني: بالتأكيد
غير صحيح. المشكلة هو أن الكل ينظر للعراق من زاوية العلاقة مع إيران. نعرف أن
هناك علاقة متوترة بين الولايات المتحدة وإيران، وهذه إشكالية حقيقة في إدارة هذه
العلاقة. إيران دولة جارة وترتبط مع العراق بمشتركات دينية وثقافية واجتماعية،
فضلًا أنها كانت داعمة للعملية السياسية وأيضًا دعمت جهودنا في مواجهة الإرهاب. من
الطبيعي أن تكون هناك علاقة طيبة، وهذا أمر مهم، كون العراق البلد الوحيد في
المنطقة الذي يملك علاقات متوازنة مع دول قد تكون بينها مشاكل أو ملاحظات أو
خلاف. الآن العراق بلد مختلف تمامًا عن المرحلة الماضية، يشهد تنمية اقتصادية غير
مسبوقة ونظام سياسي مستقر ويبني علاقات متوازنة ويواجه كل المشاكل، الفساد
وإصلاحات إدارية واقتصادية، وبالتالي فنحن أمام بلد واعد ويمثل حجر أساس في
استقرار الشرق الأوسط. العراق والولايات المتحدة يرتبطان باتفاقية الإطار الاستراتيجي
في سنة 2008، ومهمتنا وما نعمل عليه كحكومة هو أن نفعل هذه الاتفاقية لتكون هناك
علاقة في مجال الاقتصاد والتعليم والصحة والتكنولوجيا، بدلًا من احتكار العلاقة في
المجال الأمني والعسكري.
فريد زكريا: وأخيرًا،
يا سيدي رئيس الوزراء، اسمح لي أن أسألك. أنت تنحدر من خلفية تعرضت للاضطهاد في
عهد صدام حسين. أعتقد أنك فقدت العديد من أفراد عائلتك الذين أعدمهم صدام. أنت
الآن رئيس وزراء. ما هو الإرث الذي تريد أن تتركه؟ ما الذي تريد أن تتركه للعراق
إذا نجحت؟
محمد السوداني: بالتأكيد من يتعرض للظلم فإنه لا يظلم أحد، خصوصًا
في موقع كموقعي رئيس لحكومة في بلدي العراق. كل ما أطمح إليه وأعمل هو خدمة العراق
والعراقيين، ووضع العراق أولًا في كل سياستنا القائمة على احترام الآخرين وبناء
علاقات متوازنة. العراق فيه فرص حقيقية للنجاح والنهوض، وهذا ما يمر به العراق
حاليًا وما يعيشه الشعب العراقي هو حالة من الأمل والتفاؤل بشكل غير مسبوق. هي
فرصة مهمة، أن نبني عراقًا قويًا ومقتدرًا ومزدهرًا ومستقلًا وموحدًا.