تابعت "النهرين" تحقيقا
استقصائيا لمشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود الفساد (OCCRP)، أظهر أن "مصرف
الهدى" المملوك للسياسي العراقي حمد الموسوي، المعاقب أمريكيا، استغل مزاد
العملة للحصول على مليارات الدولارات، بالإضافة إلى استخدامه "مع مصرفين
آخرين" وثائق مزورة للتلاعب بعملية المزاد.
وبحسب التحقيق، فأن مزاد العملة استخدم
لتمويل خصوم الولايات المتحدة بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"،
والنظام السوري، والجماعات المسلحة "المدعومة من إيران"، بينها إرسال ما
لا يقل عن 28 مليون دولار إلى شركة تتعامل مع أموال عضو في الحرس الثوري الإيراني،
تمت معاقبته لاحقا لتمويله المتمردين الحوثيين في اليمن، كما تقول واشنطن..
وفيما يلي نص التقرير:
البداية
في كانون الثاني يناير 2024، انفجرت
طائرة مسيرة من دون طيار في قاعدة أمريكية عند الحدود العراقية في شمال شرق
الأردن، مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة العشرات -كانت هذه الحادثة الأكثر
دراماتيكية في سلسلة من الهجمات التي شنتها ميليشيات مدعومة من إيران منذ اندلاع
الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة-.
وسرعان ما شنت الولايات المتحدة حملة
على شبكة مالية قالت إنها تدعم كتائب حزب الله، المجموعة المسلحة العراقية التي
ألقي باللوم عليها في الهجوم. وبعد يوم واحد من الضربة، فرضت وزارة الخزانة
الأمريكية عقوبات على حمد الموسوي، مالك مصرف الهدى العراقي، زاعمة أنه أنشأ البنك
بتوجيه من جناح النخبة في الحرس الثوري الإيراني لغسل الأموال لصالح “الإرهاب”.
وجاء في بيان صحفي أن “وزارة الخزانة
الأمريكية تستخدم اليوم أدوات قوية لحماية النظام المالي العراقي والدولي من إساءة
الاستخدام من قبل ممولي الإرهاب والمحتالين وغاسلي الأموال”.
لكن على الرغم من الخطاب المتشدد، فشل
المسؤولون الأمريكيون في اتخاذ إجراء ضد الموسوي عندما دقت الإنذارات حيال مصرفه
قبل ما يقرب من عقد من الزمان.
في عام 2015، قامت اللجنة المالية
البرلمانية برئاسة السياسي العراقي البارز (الراحل) أحمد الجلبي، بتحليل طلبات
للحصول على الدولار والفواتير والوثائق الجمركية وسجلات التحويلات المصرفية، وزعمت
علناً أن مصرف الهدى حصل عن طريق الاحتيال على ما يقرب من 6.5 مليار دولار من خلال
استغلال آلية غامضة تعرف باسم “مزاد العملة أو مزاد الدولار”.
هذه الآلية من مخلفات الاحتلال
الأمريكي للعراق، حيث تعمل من خلال توجيه عائدات بيع النفط العراقي إلى حساب
بالدولار فى البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك. بعد ذلك، يبيع البنك المركزي
العراقي الدولارات للبنوك، التي تقدم طلبات نيابة عن الشركات حتى تتمكن من دفع ثمن
الواردات والتي تتراوح بين الشامبو حتى توابل الشاورما.
كتب الجلبي في رسالة رسمية تلخص نتائج
التحقيق الذي أشرف عليه إلى هيئة النزاهة الاتحادي التي تأسست لمكافحة الكسب غير
المشروع: “نعتقد أن هذا الدليل هو رأس جبل الجليد، حيث أن هناك عشرات البنوك في
العراق تنفذ هذه العمليات على نطاق واسع”. وتم تسليم نسخة من هذه الرسالة إلى رئيس
الوزراء (حيدر العبادي) ومسؤولين كبار آخرين، ثم تم تسريبها وتداولها على نطاق
واسع.
حصل صحفيو OCCRP على بعض ملفات اللجنة
المالية في البرلمان، التي لم تخرج أبدا للعلن، ومن خلال فحص سجلات الشركة،
وتقارير الحكومة الأمريكية، وبيانات مزادات العملة العلنية، وإجراء مقابلات مع
أكثر من اثني عشر مسؤولاً أمريكياً وعراقياً، أكد الصحفيون مزاعم اللجنة
البرلمانية حيال الفساد، بل وجدوا أدلة إضافية لها علاقة ببنك الهدى والعديد من
البنوك العراقية الأخرى. (لم يرد مصرف الهدى والموسوي على طلبات الحصول على
التعليق).
وساعدت النتائج في بناء صورة كاملة
ومفصلة عن كيفية تمكن البنوك من الحصول على مليارات الدولارات من خلال تقديم وثائق
أظهرت علامات واضحة على الفساد. من خلال تتبع أصحاب الشركات والحسابات المدرجة في
الفواتير من طلبات الدولار، وجد صحفيو OCCRP أن الكثير من هذه الأموال تم توجيهها إلى
حسابات مرتبطة بممولي إرهاب مزعومين، بما في ذلك ما لا يقل عن 28 مليون دولار تم
إرسالها إلى شركة تقول الولايات المتحدة إنها تعاملت مع أموال لأحد أعضاء الحرس
الثوري الإيراني الذي فرضت عليه لاحقاً عقوبات لتمويل المتمردين الحوثيين في
اليمن.
يوفر التحقيق الذي قام به الصحفيون
دعما لمزاعم خبراء لطالما قالوا، بأن الفساد في مزادات الدولار كان منتشراً
ومتجذراً، وفي كثير من الحالات لم يتم التدقيق في المعاملات على ما يبدو، فعلى
سبيل المثال، استمر مصرف الهدى في المشاركة في المزاد لفترة طويلة بعد النتائج
التي توصلت إليها اللجنة البرلمانية، حيث اشترى مئات الملايين من الدولارات سنوياً
حتى عام 2020 على الأقل، وفقاً للسجلات.
ويقول الخبراء إنه على مر السنوات،
استخدمت الدولارات من جماعات تعتبر من خصوم الولايات المتحدة تم ضخها من المزاد
بما في ذلك الميليشيات المدعومة من إيران، وتنظيم الدولة الإسلامية، ونظام الرئيس
السوري بشار الأسد.
قال مايكل نايتس، أحد كبار الزملاء في
معهد واشنطن للأبحاث: إن “الميليشيات التي تدير العراق الآن بنت نفسها باستخدام
التمويل التهديدي المقدم من مزادات الدولار” ، في إشارة إلى التمويل المستخدم في
أنشطة غير مشروعة تهدد أمن الولايات المتحدة”. وقال: إن “الولايات المتحدة كانت
بطيئة للغاية في اتخاذ الإجراءات اللازمة”.
في السنوات الأخيرة، قامت الولايات
المتحدة بشن حملة صارمة ضد المزاد، فقد قام بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك
ونظراؤه العراقيون بحظر حوالي عشرين بنكاً عراقياً من التعامل في المزاد منذ عام
2019. ولكن وفقاً لخبراء إقليميين وسياسيين عراقيين ومسؤولين أمريكيين سابقين وحاليين،
لم يتم إصلاح النظام الذي سمح ويسمح بهذا الفساد الواسع الانتشار. وفي مقابلة تلو
الأخرى، وصف أشخاص مطلعون على المزاد كيف استمرت الانتهاكات على الرغم من أنها
كانت واضحة منذ ما يقرب من عقدين.
وقال علي علاوي وزير المالية بحكومة
الكاظمي لـ " OCCRP" كانت الناس تتحدث
عن ذلك، لكن لم يفعل أحد أي شيء حيال الأمر”. وأضاف أن “المزاد استمر لأنه كان
بمثابة بقرة حلوب تدر أموالا ضخمة، والكثير من الناس شاركوا في هذه العملية “.
ووصف ستيوارت بوين، الذي أشرف من عام
2004 إلى عام 2013 على الأموال الأمريكية المخصصة لهيئة إعادة إعمار العراق في عهد
الرئيسين السابقين جورج دبليو بوش وباراك أوباما، كيف أقامت الولايات المتحدة مزاد
العملة “بأقل قدر من الاشراف” والمراقبة ثم “سلمته للعراقيين الذين لم يكن لديهم
أدنى فكرة عن كيفية التعامل معه، سوى استغلاله”.
وقال لـ OCCRP "إذا أردت أن تعرف ما
هو أصل المشكلة من بين أشياء كثيرة في العراق، مرة أخرى نحن السبب. لقد خلقنا
الغول ثم قلنا إنه ليس غولنا"، وامتنعت وزارتا الخزانة والخارجية الأمريكيتان
عن التعليق.
من جهته، رفض البنك الاحتياطي الفدرالي
في نيويورك إجراء مقابلة مع OCCRP بشأن هذه القصة، ولكنه أفاد في تعليق وصل
عبر البريد الإلكتروني بأن البنك يعمل مع البنك المركزي العراقي ووزارة الخزانة
الأمريكية “لمواصلة تحديث وتحسين ضوابط الامتثال لدينا لمنع إساءة استخدام قنوات
الدفع لدينا بأفضل طريقة ممكنة”.
وأضاف “عند تقديم خدمات البنوك
المراسلة وخدمات الحفظ للبنوك المركزية الأجنبية والمؤسسات الرسمية، فإننا نحافظ
على أنظمة امتثال قوية تتطور مع مرور الوقت استجابةً للمعلومات الجديدة وبالتنسيق
مع الوكالات الحكومية الأمريكية الأخرى”.
وقال ماثيو زايس، الذي عمل مديرا في
مجلس الأمن القومي الأمريكي لمدة عامين في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، إن
الفساد في مزاد الدولار “كان معروفا جيداً منذ سنوات”.
وأضاف زايس: لكن السؤال الصحيح هو،
لماذا انتظرنا حتى تم قتل الأمريكيين على يد كتائب حزب الله بداية العام قبل أن
يلاحقوا بنكهم؟”.
سوء استغلال مزاد الدولار العراقي
في أيار 2003، بعد شهر من إطاحة
الولايات المتحدة بالرئيس العراقي صدام حسين، أنشأ مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺘﻨﻤﻴﺔ اﻠﻌﺭﺍﻕ DFI
بهدف إدارة عائدات النفط في البلاد. وتم توجيه عائدات النفط إلى
حساب صندوق تنمية العراق في مصرف نيويورك الفيدرالي.
في البداية، نقلت الولايات المتحدة
جواً ملايين الدولارات نقداً من الحساب إلى بغداد، حيث قام المسؤولون العراقيون
بنقلها بالشاحنات إلى البنك المركزي. وبحلول منتصف عام 2004، كانت الولايات
المتحدة قد سلمت السلطة على صندوق التنمية للعراق إلى حكومة انتقالية عراقية،
وبذلك أفسحت عمليات النقل الجوي للنقود المجال أمام مزاد الدولار.
يسمح المزاد للبنك المركزي العراقي
ببيع الدولار الأمريكي المحتفظ به في حساب صندوق تنمية العراق في حدث يومي مفتوح
لكافة المصارف العراقية المعتمدة، حيث تتقدم المصارف بطلب للحصول على الدولار
نيابة عن التجار العراقيين الذين يقدمون فواتير للسلع المستوردة. يتم تحويل
الأموال من قبل الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك إلى حساب أحد البنوك العراقية، وثم
-نظرياً- يتم إرسالها لدفع ثمن الواردات.
في تشرين الأول 2012، قدم بوين -الذي
كان يشغل منصب رئيس مكتب المفتش العام لإعادة إعمار العراق، وهي الوكالة الأمريكية
التي تشرف على جهود إعادة الإعمار والتي بلغت تكلفتها 63 مليار دولار- تقريراً إلى
الكونغرس يشير إلى انتهاكات واسعة النطاق في مزاد العملة. ووجد تقرير تدقيق عراقي،
أن 80 بالمئة من حوالي 1 مليار دولار يتم شراؤها في المزاد كل أسبوع كانت “مرتبطة
بمعاملات غير قانونية” و”يحتمل أنها ضاعت في الخارج بسبب غسل الأموال”.
لكن الولايات المتحدة لم تستطع اتخاذ
إجراءات فورية بسبب عدم وجود اختصاص الولاية القضائية، بحسب بوين.
وقال لـOCCRP إن “العراقيين هم الذين
يشرفون على المال العراقي”، مضيفاً إن “القانون الساري في هذا الوضع كان القانون
العراقي”.
وبعد ثلاث سنوات، في كانون الأول 2015،
ضغط الاحتياطي الفيدرالي على البنك المركزي العراقي لحظر 142 شركة صرافة من
المشاركة في مزاد الدولار. وأشار البنك المركزي العراقي إلى مخاوف من أن الدولارات
كانت تذهب لتمويل تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف، الذي كان يسيطر على أجزاء كبيرة
من سوريا والعراق في ذلك الوقت. وخلال السنوات التالية، استمر الاحتياطي الفيدرالي
في حظر البنوك من المزاد، دون الإعلان عن القرار علناً.
لكن الفساد لم يتوقف، ففي عام 2018،
خلص جويل رايبورن، الذي تم تعيينه مبعوثاً خاصاً للولايات المتحدة إلى سوريا في
ذلك العام، إلى أن مزاد الدولار كان يمول نظام الأسد.
وقال رايبورن لـOCCRP “كنت أحاول اكتشاف سبب استمرارية
السيستم المالي لنظام الأسد، هذه كانت المرة الأولى التي أدركت فيها أن هناك ثغرات
هائلة في نظام تنفيذ العقوبات لدينا”.
وقال رايبورن إنه أصبح من الواضح أن
“الإيرانيين جعلوا الحكومة العراقية تزودهم بالدولار لأغراضهم الخاصة، وكذلك لدعم
نظام الأسد”. وأضاف “لم تكن هناك طريقة أخرى يمكن للنظام الإيراني من خلالها توجيه
إمدادات كبيرة من الدولار سوى من خلال مزاد الدولار”.
لا يوجد تفسير واحد أو سهل لماذا فشلت
الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات أقوى في وقت سابق لوقف الفساد في مزاد الدولار.
قال جيمس جيفري، سفير الولايات المتحدة
في العراق من عام 2010 إلى عام 2012، إنه خلال الفترة التي قضاها في البلاد، كانت
الولايات المتحدة تركز على الحفاظ على استقرار الدينار العراقي، ولم ينظر إلى
مزادات الدولار على أنها تشكل مشكلة كبيرة.
وقال في مقابلة مع OCCRP:
“لم يكن غسل
الأموال شيئا نوليه اهتماماً خاصاً”.
وأضاف رايبورن، إن “الحرب الأمريكية ضد
تنظيم الدولة الإسلامية، التي خاضتها الولايات المتحدة بالتعاون مع الحكومة العراقية
من عام 2014 إلى عام 2017، شكلت أيضاً مصدر إلهاء: “لم تكن هناك رغبة في تقييد
تدفق الدولارات إلى بغداد بينما كانت تلك الحرب مستمرة”.
وأوضح علاوي، وزير المالية السابق، إن
“المسؤولين الأمريكيين كانوا على دراية بعمليات الفساد، لكنهم فشلوا في تقدير
عواقبها الكاملة”.
وأضاف علاوي: “ربما في بادئ الأمر
قالوا، كما تعلمون، هذا مجرد وضع طبيعي، ‘الأولاد سيتصرفون مثل الأولاد’. فما هو
الجديد؟ العراق فاسد”.
مع أنه كان من المعروف وعلى نطاق واسع
أن الفساد في مزاد الدولار كان يتم، إلا أن تقرير اللجنة البرلمانية التي ترأسها
الجلبي قدّم تحذيراً واضحاً وقوياً.
واستناداً إلى طلبات الحصول على
الدولار التي حصلوا عليها من البنك المركزي – بما في ذلك السجلات الجمركية
والفواتير وكشوف الحسابات وتحويلات السويفت – خلصوا إلى أن عشرات البنوك قد تورطت
في عمليات فساد واسعة النطاق. وفي رسالة أرسلتها اللجنة عام 2015 إلى هيئة النزاهة
الاتحادية، حددت اللجنة ثلاثة من المصارف المخالفة شملت مصرف الهدى، الذي ظهر اسمه
لاحقاً في قرار العقوبات الأمريكية بعد الهجوم بالطائرة المسيرة بعد قرابة عقد من
الزمان.
راجع المحققون شريحة تشمل ثلاث سنوات
من طلبات مصرف الهدى للحصول على الدولار، وتتبعوا 32 شركة زعم البنك أنها استوردت
بضائع إلى العراق. ووجدت اللجنة أن 29 منها لم تكن مسجلة في العراق، كما هو مطلوب
للمشاركة في المزاد.
الأموال التي أفرج عنها بنك الاحتياطي
الفيدرالي في نيويورك لصالح مصرف الهدى -والتي بلغت ما يقرب من 6.5 مليار دولار
على مدى ثلاث سنوات- لم يتم دفعها للموردين الذين كانوا من المفترض أن يصدروا
البضائع إلى العراق. وبدلاً من ذلك، تم تحويلها إلى حسابات ثلاث شركات صرافة، بما
في ذلك ما يقرب من 5.8 مليار دولار لشركة صرافة يشترك في ملكيتها مالك مصرف الهدى،
حمد الموسوي.
وكان الموسوي قد حصل على دولارات “من
البنك المركزي بوثائق مزورة وحولها إلى شركة يملكها ويتصرف فيها بالكامل”، كما كتب
الجلبي في الرسالة ملخصاً النتائج التي توصل إليها.
ودعماً لهذه الادعاءات، قدمت اللجنة
وثائق -حصل عليها فريق تحقيق الـ OCCRP بما في ذلك سجلات ملكية شركة الصرافة التي يملكها
الموسوي ومراسلات مع سجل الشركات العراقية تؤكد أن ثلاثة فقط من المستوردين كانوا
مسجلين في العراق.
خلال السنوات التسع التي مرت بين هذه
النتائج والإعلان عن إشعار العقوبات الأمريكية، استمر البنك في الحصول على ملايين
الدولارات في المزاد.
في أيلول 2020 -آخر شهر مكتمل أصدر فيه
البنك المركزي بيانات مفصلة عن المزاد- قام الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك بتحويل
136 مليون دولار إلى مصرف الهدى، ولأن السجلات التفصيلية لتلك المعاملات ليست
متاحة للجمهور، لم يكن من الممكن معرفة أين ذهبت الأموال أو ما إذا كانت هناك أي
مؤشرات أخرى على الفساد.
في عام 2018، انتخب الموسوي، عضواً في
البرلمان العراقي، حيث انضم إلى اللجنة البرلمانية لمكافحة الفساد.
تقدم الملفات التي حصل عليها OCCRP من تحقيقات اللجنة
البرلمانية برئاسة الجلبي خريطة طريق لكيفية الاحتيال على مزاد الدولار.
تتضمن الملفات سجلات شهر واحد طلبها
الفريق في عام 2013 من المصرف المتحد للاستثمار UBI تتضمن الفواتير المقدمة
إلى البنك المركزي والتحويلات النهائية من الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، تظهر
السجلات أن UBI
تقدم بنجاح للحصول على ما يقرب من 315 مليون دولار في شهر نيسان 2012.
وراجع صحفيو OCCRP السجلات مع ستة خبراء
أمريكيين وعراقيين، بمن فيهم بوين وعلاوي.
وبان أنه وباستثناء معاملة واحدة تبدو
شرعية لشراء أجهزة منزلية، كشفت جميع الطلبات التي تمثل أكثر من 99 بالمائة من
الأموال التي طلبها المصرف المتحد للاستثمار UBI لذلك الشهر – دلائل على
عمليات احتيال، بما في ذلك وثائق غير مطابقة أو مفقودة، وشركات وهمية، أو كليهما.
وعلى الرغم من أن الصحفيين تمكنوا من
تحديد هذه العيوب من خلال عمليات تدقيق مباشرة للسجلات العامة، إلا أن البنك
المركزي العراقي والاحتياطي الفيدرالي في نيويورك قاما بتحويل الأموال، بناءً على
طلب المصرف المتحد للاستثمار، لكن النقود لم تذهب إلى المصدرين الذين زعمت الشركة
أنهم يرسلون بضائع إلى العراق، ولكن إلى حسابات في جميع أنحاء المنطقة ليس لها
علاقات واضحة مع البائعين المفترضين.
وانتهى الأمر بإرسال ما لا يقل عن
مليون دولار، ظاهريا لتمويل استيراد قضبان الصلب ومكيفات الهواء، إلى فاضل الدباس،
رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد للاستثمار. في المقابل لم يتم تقديم أي مستندات
جمركية أو تراخيص استيراد، ولم يظهر في سجلات الشركات المصدر المدرج في الوثائق،
والذي يفترض أن مقره في الإمارات العربية المتحدة. (انظر المربع للحصول على
التفاصيل.)
لم يستجب فاضل الدباس على طلبات
التعليق من OCCRP.
لكن الدباس كان قد تصدر الأخبار
الدولية بسبب تمويله عقداً اشترى العراق بموجبه مئات الأجهزة المزيفة للكشف عن
القنابل قبل انكشاف الفضيحة في عام 2009. ونفى الدباس في السابق ارتكاب أي
مخالفات، ولم يتم توجيه أي اتهامات إليه.
كما وجد OCCRP العديد من الأشخاص
والشركات – المتقدمين والمتلقين للدولارات – على صلة بحسن ناصر جعفر اللامي، رجل
أعمال عراقي ورد أنه اعتقل في العراق بتهمة “تهريب الدولار” لفترة وجيزة العام
الماضي قبل إطلاق سراحه دون توجيه تهم إليه.
اثنان من رجال الأعمال ممن ظهر اسماهما
في الملفات، وهما حسن هادي فرحان، وحيدر جواد حسن، شريكان مع اللامي في شركة
استشارية مقرها بغداد، كما يمتلك اللامي وحسن، أقل بقليل من 10 في المائة لكل
منهما في مصرف نور العراق الإسلامي، الذي تم منعه من مزاد الدولار في أواخر عام
2019 بناء على طلب من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بسبب مخاطر من أن يتم توفير
الدولارات “بشكل مباشر أو غير مباشر للأفراد أو الكيانات الخاضعة للعقوبات
الأمريكية”.
تظهر ملفات المصرف المتحد للاستثمار UBI أن فرحان وحسن، تقدما
بطلب للحصول على ملايين الدولارات بناءً على فواتير من شركة مزعومة مقرها
الإمارات، والتي لا تظهر في سجلات الشركات. وفي حالة أخرى، تقدم حسن بطلب للحصول
على حوالي 7.5 ملايين دولار دون تضمين الوثائق الجمركية أو تراخيص الاستيراد، ثم
أرسل 5 ملايين دولار إلى شركة صرافة مملوكة جزئيا للامي.
ولم يرد فرحان وحسن واللامي على طلبات
للتعليق.
تم تحويل 28 مليون دولار أخرى من
الأموال التي طلبها المصرف المتحد للاستثمار UBI إلى شركة تقول الولايات
المتحدة إنها تعاملت مع أموال لسعيد أحمد محمد الجمل، وهو ممول مقيم في إيران تمت
معاقبته بزعم تقديم “عشرات الملايين من الدولارات من الأموال للحوثيين” من خلال
شبكة من الشركات الوهمية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ولم تنجح الجهود المتكررة
للوصول إلى الجمل للتعليق من خلال شركاته.