حدد موقع "ريل كلير ديفينس" الأمريكي المتخصص
بالشؤون العسكرية الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة الى سحب قواتها من العراق
وسوريا، بما في ذلك ان تنظيم "داعش خراسان" هو الذي بات يمثل تهديدا
ارهابيا عالميا، وليس دواعش العراق وسوريا، وايضا لأن القوات العراقية صار
بمقدورها المواجهة لوحدها، حتى الطائفية في العراق لم تعد كما كانت منذ 10 أعوام.
وذكر التقرير الأمريكي، أنه
جرى التوصل إلى اتفاق لسحب غالبية الجنود الأمريكيين من العراق، باستثناء مجموعة
صغيرة من الجنود، ستبقى للخروج على مراحل وصولا حتى العام 2026.
حفل تايلور سويفت
وتابع التقرير أن منتقدي الانسحاب الامريكي يعتبرون أن
التزايد الاخير في النشاط الإرهابي، خصوصا تصاعد العنف في العراق والهجوم الذي وقع
في موسكو في شهر مارس/آذار، والتفجير الفاشل في حفل المغنية تايلور سويفت في
فيينا، هي من بين الأسباب التي تحتم بقاء القوات في مكانها، في حين أن إدارة الرئيس
جو بايدن تعتقد خلاف ذلك.
وبعدما اعتبر التقرير أن بايدن على حق والمنتقدين مخطئون
في هذا الموضوع، موضحا أن فوائد البقاء في العراق، او في سوريا، لم تعد تستحق
تكاليف القيام بذلك، أعرب التقرير عن الأمل بعودة الوحدة الصغيرة التي تركت في
العراق الى جانب القوة الامريكية في سوريا، الى الوطن قريبا.
وفيما يتعلق بالفوائد، قال التقرير اولا ان القوات
الامريكية في العراق وسوريا الآن لا تمثل أية أهمية فيما يتعلق بالسيطرة على
التهديدات الارهابية العالمية الطابع، مشيرا الى ان تنظيم داعش في العراق وسوريا
لم تكن له اي علاقة بالمؤامرات الارهابية في فيينا او موسكو.
ولفت التقرير إلى أن هجوم موسكو لم يكن مصدره داعش في
العراق او سوريا، وانما من تنظيم خراسان، بفرعه الطاجيكي.
وتابع التقرير انه غرار الجماعات الارهابية المحلية
الاخرى، فان العلاقات بين تنظيم خراسان وتنظيم داعش العراقي-السوري، فضفاضة، حيث
لا يرى الخبراء أن هناك صلة بينهما في تخطيط وتنفيذ هجوم موسكو أو غيره من
المحاولات الأخيرة لتنفيذ هجمات في أوروبا.
تهديد عالمي
ورأى التقرير انه بينما يمثل "داعش خراسان"
تهديدا ارهابيا عالميا صاعدا، فان داعش في العراق وسوريا، ليس كذلك، مضيفا انه
بالتالي ما من فوائد تتعلق بأمن الولايات المتحدة بابقاء قواتها في العراق وسوريا.
وتساءل التقرير الامريكي انه طالما لم يكن من الممكن
ايقاف الهجمات الارهابية العالمية، فلماذا تحتاج القوات الامريكية الى التواجد في
العراق وسوريا.
ثانيا، كما يقول التقرير، فإن العراق والدول الاخرى في
المنطقة بإمكانها التعامل مع داعش بنفسها، وهي بالتالي ليست بحاجة الى تواجد
القوات الامريكية في العراق وسوريا، مذكرا كيف ان القوات العراقية ومنذ العام
2019، عندما تم تدمير خلافة داعش، هي وليس القوات الامريكية، من تولى العبء الكامل
تقريبا لمكافحة فلول داعش.
واشار التقرير الى ان داعش تحول الى مجموعة من الخلايا
المعزولة واللامركزية التي يمكن لـ "التفوق العسكري التقني" للعراق ان
يمنعها من استعادة السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي.
وبالاضافة الى ذلك، قال التقرير إن الطائفية التي ساهمت
في تسهيل صعود داعش في العام 2014، أصبحت هي أيضا أقل بكثير مما كانت عليه في ذلك
الوقت بسبب اجراءات الحكم الرشيد التي قامت بها الحكومة العراقية.
الانسحاب المرحلي
وذكر التقرير أنه خلافا لما جرى في أفغنستان، فإن العراق
يريد هو ان يتولى ادارة التعامل مع داعش بالكامل، فيما لدى دول اخرى مصلحة قوية
للمساعدة في مكافحة داعش ايضا، ولهذا فان بغداد تنسق بالفعل عملياتها ضد داعش مع
سوريا وتركيا وإيران وروسيا.
ولهذا، يقول التقرير انه في ظل كل ذلك، فإنه من الصعب
رؤية فائدة ببقاء القوات الأمريكية في العراق، مضيفا ان الانسحاب المرحلي، سيسمح
بتوفر الوقت اللازم لإجراء تعديلات نحو مزيد من التنسيق الاقليمي لمكافحة الارهاب.
وتابع التقرير أنه في حال احتاجت الولايات المتحدة الى
العودة، وهو أمر ليس مرجحا، او احتاجت الى القيام بضربات من بعيد لمواجهة
التهديدات العالمية، فانه سيكون بامكانها القيام بذلك، كما فعلت مؤخرا في
افغانستان وفي شمال الصومال.
وثالثا، قال التقرير أنه فيما يتعلق بوقف الهجمات
الارهابية العالمية، فان القوات الامريكية المنتشرة في مناطق مكافحة الإرهاب، تحقق
حاليا فوائد أقل بكثير من الاساليب الاخرى التي لا تعتمد على استخدام القوة وانما
تركز على التعاون الاستخباراتي المتعدد الأطراف.
وأوضح التقرير إنه جرى إحباط هجمات لتنظيم خراسان في
فيينا، وكذلك في ألمانيا وتركيا والولايات المتحدة مؤخرا، ليس لأن الولايات
المتحدة كانت تنشر قوات تقاتل التنظيم على الارض في جنوب اسيا او العراق او سوريا،
بل ان النجاح تحقق من خلال شبكة عالمية موسعة من وكالات تطبيق القانون
والاستخبارات التي تعمل عبر الحدود لمنع وقوع مثل هذه الهجمات.
وتابع التقرير بالقول إنه سيكون أمرا جيدا لو كان إبقاء
القوات في العراق وسوريا بلا تكلفة، إلا أنه ليس كذلك، مذكرا بان القوات الامريكية
تعرضت خلال عام لاكثر من 170 هجوما من قبل جماعات وكيلة، وقتل ثلاثة امريكيين
وأصيب مئات آخرون.
واضاف انه خلال الشهور الماضية، تبنت الجماعات الوكيلة
هدنة غير رسمية لاتاحة المجال أمام مفاوضات الانسحاب مع العراق، مشيرا إلى أنه لو
انسحبت الولايات المتحدة من تلك المحادثات، لكانت الهجمات قد بدأت مجددا.
وتابع قائلا إنه بغض النظر عن المخاطر التي يتعرض لها
الجنود الأمريكيون، فإن الخبراء يعتبرون هجمات الجماعات الوكيلة والضربات المضادة،
قد تقود الى تحول الاضطرابات الحالية في الشرق الاوسط، الى حرب اقليمية، وهو ما
ستكون تكاليفه "فلكية" بالنسبة للولايات المتحدة.